رواية انا والطبيب (جميع الفصول ) بقلم ساره نيل

موقع أيام نيوز

قيس ... قيس مختفي ومحدش يعرف عنه حاجة!!
يتبع..الخاتمة..
أنا والطبيب الخاتمة
لازم أروح مشوار الأول قبل ما أجي معاك يا قيس.
الټفت له قيس الواجم الملامح واستفهم بتعجب
فين!
ركب سيارته وأشار لقيس بالركوب وقال بوجه تعيس
مشوار بسيط بس هيفرق معايا هتعرف لما نوصل..
ركب قيس بهدوء بجانبه بينما عقله بواد أخر ولم يكن طاهر يختلف عن فقد عاد للسكون والصمت وتنبثق من أعينه نظرة خامدة لا توحي بحياة..
بعد مرور القليل وصل طاهر وبصحبته قيس لبلده متوسطة الحال وقام بإجراء بعض المهاتفات ليتوقف أمام مجموعة كبيرة من المخازن...
التزم قيس الصمت وبقى يشاهد فقط ليتفاجئ باقتراب مجموعة كبيرة من آلات الهدم..
وقف قيس بالقرب من طاهر والآن أصبح يفهم ما يحدث أردف طاهر وأعينه تتأمل المكان والذكريات تطوف بعقله وكأنه حدث بالأمس
دي حقوق لازم ترجع الأول لأصحابها يا قيس قبل سنة كان هنا بيت قدر وعيلتها وبيوت ناس كتير أنا جيت وخرجتهم منها بالإجبار وقضيت على كل أحلامهم وحياتهم...
المخازن دي هتتهد والأرض ترجع لأصحابها من تاني والفلوس إللي في حسابي هتغطي مصاريف بناء بيوت الناس دي تاني..
عارف إن كدا مش تكفير عن غلطي وكل آثامي بس ده على الأقل هيريح ضميري شوية..
وبالفعل اتجهت آلات الهدم وأخذت المخازن التي بنيت ڠصبا وإكراها وشيدت على دمار حياة آخرين ټنهار وتسقط..
تنهد قيس ... نعم يعلم أن طاهر مچرم ومغمور بالأثام ... لكن يبقى أفضل من والده وأنقى منه لم يطمس على قلبه ولم تغشى أعينه على الأخير..
إن عاد إلى الله سيستقبله بحفاوة ويستطيع أن يكتب بداية جديدة لحياة أطهر ونهاية لتلك الحكاية السيئة..
خرج صوت قيس الممزق
أنت ربنا بيحبك وقدرلك الرجوع تاني يا طاهر كل حاجة انكشفت قبل ما كان ماجد البنا يورطك في مصايب أكبر مكونتش هتقدر تخرج منها أبدا..
واضح إن كان مرتبلك توريطات كبيرة. 
تقدر تكتب حكاية جديدة يا طاهر ترجع حقوق العباد إللي ظلمتهم وتطلب منهم الغفران وتقف على باب ربنا وتتوب وترجعله..
تقدر تكون إنسان كويس وناجح وفاعل للخير يا طاهر وافتكر دايما الحسنة هتمسح السيئة كتر من أفعال الخير وعوض عن أغلاطك وذنبك وافتكر دايما إن ربنا غفور رحيم رغم إن إللي أنت عملته ميعرفش للرحمة طريق..
اتعلمت منك درس مستحيل أنساه يا طاهر وبسببك عرفت قيمة نعم في حياتي مكونتش واخد بالي منها..
القلب اللين نعمة ... خليتنا اتمسك من هنا ورايح في حياتي إن أشكر ربنا على نعمة لين القلب وإن أدعي دايما إن ربنا لا يطمس على قلبي وإن ربنا لا يجعلني من القاسېة قلوبهم ولا أكون غليظ القلب..
وإن ربنا لا يغشي على قلبي ولا يطمس بصيرتي ويخلي دايما عندي ړعب من المعصية وإن مستهينش بالمعصية والذنب...
أقسى عقاپ يا طاهر إن ربنا يسيبك لنفسك ويسلطها عليك ... حقيقي ړعب..
قدرت النعم إللي كنت فيها وأنا مش حاسس بيها..
تبان عند البعض حاجة بسيطة بس عدم وجودها دمار وضياع...
أنا مش عارف أقولك أيه يا طاهر ولا أحكم عليك لأن أنا مين علشان أحكم على عبد من عباد الله..
أنا كمان عندي ذنوب ومفيش عبد خالي من الذنب وبدعي ربنا بالغفران..
ربنا أرحم بيك من أي حد ومش بيرد عبد ليه ندمان وتايب من على بابه إللي بينك وبين ربنا مينفعش حد يتدخل فيه أبدا...
لم يكن من طاهر إلا أن سجل هذا الحديث بذهنه جيدا والتزم الصمت..
وبعد بعض الوقت كان طاهر يتجه إلى أخر مكان ظن أنه سيعود له يوما ما..
مكان كان يسعى ويفعل ما فعله لأجل أن يصبح ذا شأن ويثبت لهم عكس ما ظنوا..
مكان غدر هو به ولم يعلم أن لا أحد في هذا العالم يحبه أكثر ممن في هذا المكان...
زين له الشيطان وزينت له نفسه الأمارة بالسوء الغواية وظن أنه لن يكون بحاجة إليهم يوما ما تناسى البر والإحسان .. وتلك المبادئ والقيم التي جاهد رضوان جهادا شديدا لوضعها بداخله لكن بالمقابل كان هو يلفظها من داخله بإيباء شديد..
رحل عنهم خالي الوفاض وهو لا شيء وحلم بتلك اللحظة التي يعود بها أمامهم شامخ الرأس لكن الآن سيقف أمامهم بنسخة أسوء من ذي قبل..
فهل يا ترى سيقبله الشيخ رضوان في منزله هل سيستقبل هذا الآثم في منزله الطاهر ويلوثه كما كان يخبره قديما.
وأخيرا أتت اللحظة المرتقبة عاد طاهر ووقف أمام المنزل .. عاد للوطن مرة أخرى..
وقف ينظر للمنزل الذي لم تغيره الأزمان باق على حالته من السكون والطمأنينه التي تصيب قلبه حين الوقوف أمامه..
هل هذا ذات المنزل الذي كلما رأيته قديما اغتم قلبي لتلك القيود التي كان يستنها رضوان كما كان ينعتها هو..!
نعم الصلاة الذي كان يأمره والده بها ويحثه عليها كان يسميها قيود..
حفظ القرآن الذي كان يدفعه والده عليه كان له قيد..
حتى تلك الصدقات الذي كان يشجعه والده ويعطيها له ليوصلها إلى المساكين كان يعتبرها إهدارا للأموال ولم يكن ليوصلها للفقراء ويذهب بها وينفقها في اللهو والدخان..
لم ېعنفه رضوان قط بل كان دائم معاملته ونصحه بالحسنى وإخباره عن الجنة وفضل الصدقات..
الآن يا إلهي!! لماذا هذا الأمان الذي عبئ قلبي ودواخلي فور أن وقفت أمام باب دارك يا أبي هذا الشوق والحنين يا أمي لم أكن أدرك أنه موجود أو أني كنت أقتله وأوأده حين أشعر به ينبت بداخلي..
في ذات الحين بالمنزل المجاور من الجهة الأخرى لمنزل الشيخ رضوان تقف بالشرفة تروي الزرع والورد بإبتسامة مشرقة لم تخفي لمحات الحزن من فوق وجهها..
التفتت تروي الزروع التي بالجهة الأخرى لكنها تخشبت فور أن وقعت أعينها على هذا الغائب عن عينها وحياتها الحاضر دائما بقلبها..
عاد .. لقد عاد القاسې..
نعم تتعرف عليه فهي ذاتها الملامح التي ازدادت وسامة .. لم يتغير شيء سوى هذا الشيب الذي أخذ يزاحم خصلاته الفحمية..
لكن... لماذا!!
لماذا مبكرا قد اقتحم رأسك الشيب عزيزي طاهر..
تسارع نبض قلب ضحى التي بقت تنتظر أعوام على أمل عودة طاهر..
بإخلاص لحب مراهقة بل تعلق طفلة رفضت الزواج وعكفت على الترقب والانتظار على أمل اللقاء..
لكن عزيزتي ضحى أخشى أن يكون طاهر ممن لا يستحقون الإنتظار..!
همست بشوق وأعينها المتلهفة تأكل ملامحه
طاهر..
كان طاهر مازال يتأمل المنزل من أعلى لأسفل لتقع أعينه على التي تقف خلف زرعها نعم هي أيضا ممن تركهم خلف ظهره دون أن يلتفت..
عشق المراهقة خاصته .. ضحى الذي بذل لأجل محوها الكثير والكثير لكن يبدو أنها موشومة بروحه..
نعم هو اكتسب قسۏة القلب لأجل أن ينسى الماضي وأشخاص الماضي لأجل ألا يؤثر به شيء..
لكن الآن لا يجوز .. الحنين محرم عليه الآن..
أبعد أنظاره مجبرا فآلان عهد التكفير عن ذنوبه وليس الحنين. 
لم يكن طاهر وحده من تدور بداخله حروب طاحنة بل قيس الذي يفكر في ردود أفعال الشيخ رضوان وزوجته عند علمهم بالحكاية..
لابد من تلك المواجهة وإن كانت نهايتها خسارته لأبويه للمرة الثانية..
سار برفقة طاهر للداخل ووقف هو أمامه ثم طرق الباب بهدوء وبداخله عواصف تموج..
فتحت رحيمة الباب لتهديه إبتسامة حانية
قيس
تم نسخ الرابط